في ظل اهتزاز التسوية الوطنية التي تتمثل باتفاق جامع وموحد للتعاطي مع القضايا والصراعات الخارجية، شكل لقاء وزير الخارجية جبران باسيل بنظيره السوري وليد المعلم على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك ردة فعل غاضبة لدى فريق 14 اذار، خصوصا لدى تيار المستقبل، الذي يدأ يلوّح عبر محيطين به ومقربين منه بامكانية فرط الحكومة واستقالة رئيسها سعد الحريري اذا ما ظلّ الوضع على ما هو عليه لجهة التطبيع مع النظام السوري، فما مدى صحة وجدية هذا التلويح في بيت الحريري الداخلي؟
"موقفنا كان واضحا حيال لقاء باسيل والمعلم، ونرفضه رفضا قاطعا لعدم توفر شروط الشرعية الدولية داخل هذا النظام، كما كان هناك موقف لبناني واضح بالنأي بالنفس عن الازمة السورية ان كان من ناحية النظام او المعارضة"، يلفت عضو كتلة "المستقبل" النائب محمد الحجار لـ"النشرة"، ويشدد على أنه يشكّ "بصحة المعلومات التي تشي باستقالة الحريري من الحكومة نتيجة هذه اللقاءات".
ويؤكد الحجار أنه "في حال تكررت مواقف تخرق التسوية الوطنية التي حصلت وتناقض ما جاء في البيان الوزاري من ناحية النأي بالنفس عن صراع سوريا والمنطقة سيكون هناك تأثير بشكل او بآخر على التسوية، لكن لم يتم تحديد موقف الحريري حتى الآن، والموقف من هذه السلوكيات يحدده الحريري في وقته".
من جهة أخرى يعتبر المحلل السياسي سركيس ابو زيد في حديثه مع النشرة ان " اللقاء بين باسيل والمعلم انعكس سلبا على الحريري وفريقه لانه كان مناقضاً للاتفاق الذي جرى بينهم سابقا، وهذا يعكس موازين قوى جديدة، فبعد الانتصار الذي جرى في جرود عرسال والتغيرات الميدانية بسوريا وبعد ان غيرت اميركا واوروبا موقفها من الرئيس السوري بشار الاسد، تغيرت موازين القوى وهذا سينعكس على لبنان اكثر".
ويوضح أبو زيد ان "فريق 14 اذار خسر رهانه ومشروعه في المنطقة، فلن يستطيع ان يحافظ على المكاسب ذاتها، من هنا اتت عملية التهويل بالاستقالة للضغط من اجل اعادة ترتيب الوضع، واذا استقال الحريري لن يعود من جديد وهو يعرف ذلك، لذلك ليس لديه الجراة على تنفيذ هذا التهديد، لانه يعلم تماما ان ما استطاع تحصيله بهذه الحكومة لن يستطيع تحصيله في أي حكومة مقبلة".
"عندما طرح الحريري فكرة اعادة الاعمار بسوريا كان يؤشر لفريقه الى ان هناك مغانم ومكاسب وجبنة جديدة في سوريا، واذا لم نرتب الامور لها سنخسرها" يلفت أبو زيد، ويتابع: "موضوع الاستقالة هو مدخل للحوار ولترتيب الوضع الداخلي من اجل تطبيع الامور مع سوريا مع التغيرات التي حصلت، اما اذا كان يريد الاستقالة فعليا فلن يجد لنفسه حصة بالمرحلة المقبلة بل سيكون هو الخاسر الأكبر".